موقع شامل يهتم بكل ما يرفع ذكاء ووعي المشاهد العربي

لماذا فرض الله تعالى صيام شهر رمضان

0 2٬450

تخيل لو أن أغنى وأكرم رجل في العالم دعاك إلى ضيافته لمدة شهر واحد، فكم من الخير الجزيل ستتوقع أن تحصل عليه بتلبيتك لهذه الدعوة وكم ستكون بلهفة إلى ذلك اللقاء؟!

فما بالك بأن يكون صاحب الدعوة الكريمة هو الله سبحانه وتعالى وأن تكون في ضيافته لمدة شهر كريم وهوشهر رمضان المعظم، فهل هنالك كرم بعد كرمه جل وعلا؟!

شهر رمضان هو خير الشهور عند الله تعالى، ففيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر والتي فيها نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله.

يقول نبينا الكريم في خطبته لاستقبال شهر رمضان: شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول  ودعاؤكم فيه مستجاب… فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة  كتابه فإن الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم

لكننا وللأسف نرى الكثير من الناس يهدرون ساعات شهر رمضان الثمينة في أمور تافهة كمشاهدة المسلسلات الرمضانية لساعاتٍ طويلةٍ جدًا … أو بقضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي، أو بسهرات الأنس واللهو والطرب، إلخ…

السبب في ذلك أن الإنسان البسيط  تنحصر نظرته لشهر رمضان في مظهر ألم الجوع والعطش فقط… فما أن تغرب شمس ذلك اليوم حتى تجد هذا الإنسان يدخل في سباق لحشو معدته بأكبر قدر ممكن من الطعام، وهو الأمر الذي ينافي مبدأ الصيام…

فالصيام هو من أحب العبادات إليه سبحانه وتعالى، لذلك  نسب هذا العمل إلى نفسه فقال في الحديث القدسي: كل عملِ ابن آدم يضاعفُ الحسنة بعشرأمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، بمعنى أن أجر الصائمين لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى!

أنظر إلى هذه الإلتفاتة… يقول تعالى في سورة آل عمران: فمن زحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز … لكن ما بالك بأن يَبْعُدَ الإنسان عن النار بمسافة سبعين عامًا… كيف يتحقق ذلك؟!… بالصيام… يقول صلى الله عليه وآله: من صام يومًا في سبيل الله بعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا… ..!!! فأي فضل بعد هذا تركه الصيام ؟!!

إذن فما هي الغاية الرئيسية من الصيام؟… الجواب في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

نعلم من ذلك أن أكبر أهداف الصيام هي أن تجعل الإنسان تقيًّا… وإذا اتقى الإنسان ربه فإنه تعالى يقول عنه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]

لكن حالة التقوى هذه لا تتحقق إلا بشروط، وهذه الشروط لا تنحصر فقط في كف الصائم عن شهوتي البطن والفرج، وإنما يجب كذلك كف الجوارح عن المعاصي، فعنه صلى الله عليه وآله: إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم

فما فائدة من يصومُ يومه لكنه لا يتورع عن ارتكاب المعاصي وفعلِ كلِّ ما هو محرم! فهذا مثله كمن قال عنه صلى الله عليه وآله: رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.

والعظيم في الأمر أنه إضافة الى الفوائد الدينية والروحية الكثيرة للصيام فإن هنالك أيضًا فوائدٌ صحيةٌ كثيرةٌ لا مجال لحصرها  أذكر منها ما قاله أحد كبار أطباء الولايات المتحدة اسمه الدكتور ماك فادون في كتاب ألفه عن الصيام قال فيه: إن كل إنسان يحتاج إلى الصيام وإن لم يكن مريضا، لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم، فتجعله كالمريض، وتثقله ويقل نشاطه، فإذا صام خفّ وزنه، وتحللت هذه السموم من جسمه

أسأله تعالى أن يجعل صومنا مقبولًا وذنبنا مغفورًا وعملنا متقبلًا وتجارتنا لا تبور.

أترك تعليقًا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.