( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد ١١
إن لله تعالى سنناً لاتتغير وقوانينًا لاتتبدل :
وإحدى هذه القوانين التي سنّها الله تعالى ليسير عليها الكون هي:
” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ ” من النعمة والإحسان, ورغد العيش “حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ “…
فإذا جحدوا نعم الله، فإنه يسلبهم إياها عند ذلك.
وكذلك إذا كان العباد على معصية وجحود للنعمة, فتابوا عن المعصية وانتقلوا إلى طاعة الله,
فإنه تعالى يغير عليهم ما كانوا فيه من الشقاء, إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة.
لذلك فمن يتأمل اليوم في حال أمتنا الإسلامية وماأصابها من الضعف والهوان ليرى أمةً ممزقة، مشتتة وضعيفة… وما ذلك إلا مما اكتسبت يداها…
فنحن نطلب من الله تعالى أن يوسع علينا في الرزق ونحن لا نخلص في العمل،
نحن نطلب منه تعالى أن يرفع عنا ظلم الحُكّام، وكل واحد منا ظالم لنفسه ولزوجة ولأبنائه ولمن يعمل تحت إمرته…
نحن نطلب من الله أن يُعزّنا وينصرنا على أعدائنا ونحن في نفس الوقت نستمر في التذلل لمن هو أقوى منا ونضع رقابنا تحت قدم من يهيننا
وندعو منه تعالى أن يرزقنا الجنة لكننا لسنا على استعداد أن نكلف أنفسنا عناء القيام للصلاة بإخلاص بين يدي الله عز وجل.
فإذا كانت القاعدة الإسلامية تقول إن “الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”،
فإن أفضل ما يمكن أن يقدمه كل فرد منا لمجتمعه وهو أن يعتني كل منّا بنفسه أولاً.
فإن كل فرد منا إذا غير نفسه إلى الأفضل فإنه أسرته ستتأثر بذلك السلوك الحسن فتتغير الأسرة كذلك إلى الأفضل، وإذا تغيرت أسرتك فسيتغير حيك، وإذا تغير حيك فستتغير مدينتك، وبالتالي يتغير بلدك، ومن يدري فقد تكون سببا لتغيير العالم بأسره.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة حسنة، إذ بدأت الدعوة الإسلامية من رجل واحد وما لبثت أن انتشرت في جميع أصقاع الأرض.
إن أمتنا لن تتغير إلا إذا تغير أفرادها… وأفرادها هم أنا وأنت وهو وهي
إذا غيرنا سلوكياتنا السلبية وأخلصنا في العمل ورفعنا الظلم فيما بيننا
عندها سنصبح أمة أهلاً لأن يغير الله ذلها إلى عزة وضعفها إلى قوة وهوانها إلى تمكين وشقاءَها إلى نعيم.
نسأل الله العلي العظيم أن يردنا جميعاً إلى دينه مرداً حسناً وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن يمكّن لأمة الإسلام عزتها ومكانتها وأن ينصرها على أعدائها إنه سميع مجيب.
شُكرًا على حسن المتابعة، كان معكم حيدر جبار
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته